El-Melaha
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 كأن شيئا لم يكن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نجية الوزاني
شخصية متميزة
شخصية متميزة
نجية الوزاني


انثى عدد الرسائل : 195
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 25/03/2009

كأن شيئا لم يكن Empty
مُساهمةموضوع: كأن شيئا لم يكن   كأن شيئا لم يكن Icon_minitimeالسبت 11 أبريل - 12:25

كأن شيئا لم يكن

عشت طفولة عذبة ، رغم عذاباتها ؛ لكن في المجمل جيدة . لن أنساها ؛ خاصة أيام العطل . لأني كنت أقضيها في البادية: مكان فسيح ، خضرة ، شمس ساطعة لا تحجبها الجدران العالية ، حيوانات مؤنسة ، أليفة ومسخرة ، أشجار بكل أنواعها وأشكالها.

عندما ننزل من الباص ، أذهب مسرعة الى جدي وجدتي أقبلهما ثم أقبل باقي أفراد العائلة وعيناي تبحثان عن مكان اللبن.عندما اشربه ، أتوجه لتوي ناحية الوادي. في فصل الربيع ، أكتفي بسماع خريره ؛ وفي الصيف ، أرتمي في أحضانه.

ولما تشتد الحرارة وقت الزوال أختبئ بين الأشجار مع أطفال تلك القرية نلعب بعرائس نصنعها بأنفسنا.

لكم أحببت تلك المنطقة في فصل الربيع ؛ لأن جل أشجارها من فصيلة البرتقال . فتراني احاول ملأ صدري بعبق رائحة أزهارها ، خاصة في الليل اذ كنت أخرج وأرتمي على ظهري فوق العشب متأملة في السماء،ذلك الفضاء الواسع المتلألئ بالنجوم . عندما ينحدر نجم نحو اتجاه معين نردد : ٌألف،ألف.ٌلعلمنا بأن النجوم رجوما للشياطين وبذلك نتمنى أن تحرق النجمة ألفا منهم .

كنت أحس بأني أملك الدنيا وأنا ممتطية الفرس أعدو بها ناحية الوادي لكي تروي ظمأها وبعد ذلك تتوغل داخل الماء للاستحمام،أنزل من فوقها وسط الما، ثم ألعب معها.

توفيت جدتي ، تبدلت الأمور شيئا ما.بدأ جدي ببيع بعض الدواب لكبر سنها وعدم وجود من يعتني بها . لم أعد أرى تلك الحيوانات التي ألفتها والتي كنت أحييها عند مجيئي وأودعها عند رجوعي الى مدينتي .

سنة تلو أخرى،علمت بأنه قد تم الاتفاق على انشاء سد لهذا الوادي والذي بسببه أوجب على الأهالي مغادرة منازلهم.كثرت المشاكل بين السكان والسلطات والمشاحنات بين الأهالي الى اأن انقسموا الى قسمين .

أتى اليوم الأكثر حزنا الى قلبي اذ صحوت على صوت آلة ضخمة تجتث الأشجار من جذورها. تخيلوا معي ضخامة شجرة العرعار تسقط كالموتى حاملة بين أغصانها أعشاش العصافير.دون أن اتمالك نفسي سقطت دموعي على خدي حزنا على طفولتي المفقودة.ضحكت خالتي وقالت : ٌلماذا تبكين اتملكين شيئا من هذا ؟ أجبت : رغم أني لا أملك
شيئا الى انني كنت أملك كل شيء .ٌ أصبحت القرية كأنها صحراء جرداء و
كأن شيئا لم يكن .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كأن شيئا لم يكن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
El-Melaha :: المنتديات العامة :: إبداعات أدبية-
انتقل الى: