لم يكن “عبد الله بن رواحة” مجرد شاعر ينطلق الشعر من بين ثناياه عذبا
قويا فحسب لكنه كان أحد الشعراء الثلاثة الكبار الذين جاهدوا في سبيل
الإسلام وتصدوا للدفاع عنه ضد كل من أراد النيل منه أو التشكيك فيه.. لقد
كون هذا الشاعر المجاهد مع حسان بن ثابت وكعب بن مالك جبهة شعرية قوية تقف
إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم ترد عنه الهجمات الشرسة التي
استهدفت التشكيك في نبوته.
ومن أشعاره التي رددها وراءه المسلمون وهم في غمار المعارك:
والله لولا الله ما اهتدينا
ولا تصدَّقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الذين قد بغوا علينا
إذا أرادوا فتنة أبينا
وفي يوم كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا مع أصحابه وأقبل عبد الله بن
رواحة، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: “كيف تقول الشعر إذا أردت أن
تقول”؟ فأجاب عبد الله: “أنظر في ذاك ثم أقول”.. ومضى على البديهة ينشد:
يا هاشم الخير إن الله فضلكم
على البرية فضلا ما له غير
أنت النبي ومن يحرم شفاعته
يوم الحساب فقد أزرى به الكثر
إني تفرست فيك الخير أعرفه
فراسة خالفتهم في الذي نظروا
ولو سألت أو استنصرت بعضهم
في حلِّ أمرك ما ردوا ولا نصروا
فثبت الله ما آتاك من حسن
تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا
فسر النبي ورضي وقال له: “وإياك، فثبت الله”.
وحين كان الرسول عليه الصلاة والسلام يطوف بالبيت في عمرة القضاء قال عبد الله بن رواحة:
خلوا بني الكفار عن سبيله
اليوم نضربكم على تأويله
ضربا يزيل الهام عن مقيله
ويذهل الخليل عن خليله
ومن أحسن ما مدح به النبي صلى الله عليه وسلم قول عبد الله بن رواحة:
لو لم تكن فيه آيات مبينة
كانت بديهته تنبيك بالخبر
منقول عن ملتقى الأحبة والصحبة الصالحة بتصرف